مصر: جريمة مسجد الروضة قد تتكرر
أسباب الهجمات الإرهابية في مصر موجودة منذ سنوات دون علاج أو تطوير أو تغيير بما يهدد بتكرارها.
تتمثل بعض هذه الأسباب في عدم محاسبة وزارتي الدفاع و الداخلية و كذلك المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام و الهيئة الوطنية للإعلام عن أفعال و إهمال أوصلنا إلى ما نعانيه الآن.
جريمة مسجد الروضة في بئر العبد في محافظة شمال سيناء ليست الأولى و إن كانت الأكبر حجما من حيث عدد الضحايا. لقد شهدت مصر جرائم مماثلة قبل ذلك سواء الهجمات المتزامنة على عدد من الكمائن الأمنية للقوات المسلحة في منطقتي الشيخ زويد و رفح في يوليو2015 (قتل فيها 17 ضابطا و مجندا على الأقل)، وتفجير الكنيسة البطرسية في قلب العاصمة القاهرة في ديسمبر2016 (قتل فيه 26 شخصا على الأقل)، ثم تفجير كنيستين في قلبي العاصمة الثانية الإسكندرية و عاصمة الدلتا طنطا في إبريل2017 (قتل فيهما 45 شخصا على الأقل وإحداهما كان يصلي فيها قبل الانفجار بلحظات قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية و بطريرك الكرازة المرقسية)، ثم حادث الواحات أكتوبر2017 على بعد أقلّ من مائتي كيلو متر من قلب العاصمة القاهرة (قتل فيه 16 ضابطا و مجندا على الأقل)، وصولا إلى العملية الأخيرة في بئر العبد على بعد أقلّ من مائة و خمسين كيلو متر من قناة السويس (قتل فيها 235 شخصا على الأقل).
فما هي بعض أسباب تكرار هذه الهجمات؟
عدم محاسبة وزارة الدفاع عن متهم هرب من داخل محكمة عسكرية في إبريل2017 ليقتل خمسة أفراد شرطة في يوليو2017
في إبريل2017 تمكن حسن محمد أبو سريع المتهم الرئيسي في عملية إرهابية لتنظيم داعش ضد سفارة النيجر2015 أسفرت عن قتيل وجرحى - من الهرب من داخل المحكمة العسكرية في الجبل الأحمر رغم أنه عنصر إرهابي خطر محبوس في سجن العقرب شديد الحراسة، و الطريف أن صحيفة صوت الأمة كشفت هروبه من داخل محكمة الجبل الأحمر لكن دون الإشارة إلى كونها محكمة عسكرية، بينما صحيفة فيتو قالت إنه هرب من "قوات الأمن" دون توضيح إن كان ذلك أمن الداخلية أم أمن المحكمة العسكرية، أمّا صحيفة الوطن فنشرت خبر هروبه في طريقه للمحكمة العسكرية.
من يحاسب وزارة الدفاع عن هروب متهم رئيسي من قلب المحكمة العسكرية لينفذ جريمة قتل في حق خمسة من أفراد الشرطة بعد هروبه بأربعة أشهر في حادث البدرشين كما اعترف بيان وزارة الداخلية؟
عدم محاسبة وزارة الدفاع عن الفشل في تأمين قبيلة سيناوية تعارض الإرهابيين
في أغسطس2012 قتل ملثمون الشيخ خلف المنيعي وابنه محمد، من كبار قبيلة السواركة في شمال سيناء والتي ينتمي إليها للمفارقة معظم شهداء مسجد الروضة وكذلك مؤسس فرع داعش في سيناء، بعد إعلان الأب تضامنه مع قوات الأمن و الجيش للقبض على الجناة المتسببين في أحداث رفح معلنا ”حل دم الإرهابيين“.
في أكتوبر2015 قُتل خالد المنيعي الابن الثاني للشيخ خلف المنيعي على يد مسلحين تابعين لتنظيم بيت المقدس أطلقوا النار عليه في مدينة العبور على أطراف القاهرة، وهي نفس الضاحية التي اُستشهد فيها قائد الفرقة التاسعة في الجيش في أكتوبر2016.
اللافت أن قبيلة خالد المنيعي (السواركة) لم تتمكن من دفنه بمقابر أسرته في الشيخ زويد بسبب ملاحقة التنظيم لهم بسبب معارضتهم للإرهابيين مما اضطرهم لدفنه في مقابر قرية الروضة والتي شهدت الاعتداء الدامي على مسجدها منذ أيام - من يحاسب وزارة الدفاع عن فشلها في تأمين قبيلة كبيرة تجهر بمعارضة الإرهابيين؟
عدم محاسبة وزارة الداخلية عن هروب عشرات المتهمين و المسجونين في شهر واحد في2017 بنفس طريقة هروب 2014
في يوليو2014 هرب عادل حبارة المتهم بارتكاب مجزرة رفح الثانية (قتل فيها 25مجندا على الأقل) وآخرين من سيارة الترحيلات حيث كسروا القفل و نزلوا من السيارة عند أحد المطبات على الطريق الدائري و ساعدهم على ذلك اختفاء سيارة التأمين التي كان بها مقدم و 4 أمناء شرطة كلهم مسلحون ويرتدون واقيا من الرصاص. الطريف أنّ أهالي البساتين قبضوا على الهاربين و اتصلوا بشرطة النجدة ثم اضطر الأهالي إلى نقلهم في سيارة ملاكي إلى نقطة شرطة دار السلام.
تحقيقات محاولة هروب عادل حبارة في 2014 كشفت أنّ طريقة الهروب اعتمدت على وجود سياسة عامة في وزارة الداخلية بخلع كلابشات المتهمين داخل سيارات الترحيلات و أن يكون ارتداءها فقط قبيل نزولهم منها أو صعودهم إليها.
ورغم تحقيقات 2014 فإن طريقة الهروب لا تزال مستخدمة حيث اعترف أحد الهاربين من سيارة ترحيلات في أغسطس2017 و قبض عليه بالصدفة في نوفمبر2017 بأنهم استخدموا دبابيس الكراتين لحل الكلابشات حيث كانوا يفعلون ذلك باستمرار كنوع من الراحة، وفور وصول سيارة الترحيلات إلى مقر المحاكمة أو السجن يعودون لوضع الكلابشات مرة أخرى.
الأخطر أن المتهم كان متنكرا بعد الهروب في زي متسول في مقابر حلوان و ألقت قوات الأمن القبض عليه كمتسول و كاد أن يتم الإفراج عنه من القسم بعد اقتناع ضباط و أفراد الشرطة بأنه يعاني من مشاكل عقلية، لولا أن محبوسا في القسم ضربه أمين شرطة فعاتبه قائلا”بتضربني و سايب فلان بتاع كتائب حلوان“ فهنا فقط اكتشفت الشرطة شخصيته الحقيقية.
بل إن الفترة ما بين 29يوليو2017 و 29أغسطس2017 (شهر واحد) شهدت هروب واحد و عشرين سجينا:
في29يوليو هرب خمسة مساجين من سجن مركز شرطة في بني سويف (أحدهم محكوم عليه بالإعدام و اثنان في قضايا مخدرات)
ثم في 31يوليو هرب أربعة مساجين من سجن مركز شرطة في الدقهلية (نصفهم متهمون في قضية شروع في قتل)
ثم في 17أغسطس هرب خمسة مساجين من سجن مركز شرطة في قنا (أحدهم محكوم عليه بالمؤبد في قضية مخدرات لكن أعيد القبض عليه لاحقا مع اثنين آخرين)
ثم في 27أغسطس هرب سبعة مساجين من سيارة ترحيلات في القاهرة
من يحاسب وزارة الداخلية أيضا على توريد سيارات ترحيلات غير مطابقة للمواصفات والتي بسبب صاجها الخفيف كما في التحقيقات تمكّن الهاربون بمجرّد الطرق بحديدة عليه من تهشيم جزء من السيارة وصولا إلى كسر قفل الباب؟
عدم محاسبة وزارة الداخلية على إهدار أرواح مأمورية ثانية في الواحات بعد استشهاد المأمورية الأولى
في العاشرة مساء الجمعة 20أكتوبر2017 أعلنت وزارة الداخلية رسميا إرسال مأمورية للواحات استشهد و أصيب عدد من أفرادها، ثم في الرابعة مساء السبت 21أكتوبر2017 صدر بيان رسمي عن الوزارة يتحدث عن مأموريتين اثنتين لمداهمة الواحات أولاهما فقط هي التي استشهد منها ستة عشر شخصا ثلثاهم ضباط دون أية إشارة إلى مصير أو دور المأمورية الثانية
لكن الدقيقة الرابعة عشرة من حلقة هنا العاصمة مساء السبت 21أكتوبر2017 كشفت مصير المأمورية الثانية حيث قال عضو مجلس النواب مصطفى بكري ”المجموعة اللي كانت برة المفروض بتتابع و بتراقب بمجرد ما اتصلوا بيهم دخلوا لهم ما طلعوش تاني“ وذلك تأكيدا لما قالته مضيفته لميس الحديدي ”أنا عندي معلومة أخرى أنه لما جاء لهم فريق آخر يعاونهم استشهدوا معاهم“
من يحاسب وزارة الداخلية على الزج بأفراد المأمورية الثانية دون استفادة مما حصل للمأمورية الأولى ودون غطاء جوي مما أدى إلى فقدان أفراد المأمورية الثانية الذين لا نعرف عددهم حتى الآن و لم يحظ أفرادها حتى بالتقدير المعنوي كباقي شهداء الشرطة الآخرين؟
والأهمّ من يحاسب وزارة الداخلية عما كشفه النائب مصطفى بكري في الفيديو أعلاه من نفس الحلقة عن الشخص الذي قُبض عليه و أخطر الشرطة بتواجد عدد محدود من الإرهابيين أربعة أو خمسة من بينهم المتهم الهارب هشام العشماوي - من يحاسب المأمورية التي ذهبت مع ذلك المرشد الكاذب لمعاينة مكان تواجد الإرهابيين قبل التخطيط لبدء العملية؟ ومن يحاسب القيادات التي لم تدقق في كلام المرشد الكاذب و تقرير اللجنة التي رافقته في معاينة موقع الإرهابيين قبل أن توافق على إرسال المأمورية؟
كذلك من يحاسب القيادات المسؤولة عن تجنيد هذا المرشد الكاذب خصوصا وأنه -حسب النائب مصطفى بكري- سبق استخدامه في عمليات إرهابية عديدة في قتل ضباط و جنود؟
عدم محاسبة رئيس مباحث هرب تاركا الإرهابيين يقتلون زملاءه الخمسة في البدرشين
في الدقيقة السابعة من برنامج كل يوم على الهواء مباشرة بثّ عمرو أديب فيديو من إحدى كاميرات موقع حادث البدرشين أظهرت بوضوح هروب المقدم عمر رسلان رئيس مباحث سقارة الذي جبن عن الاشتباك مع الإرهابيين أو حتى الاقتراب لإصابتهم عن بعد، بل جَبُنَ حتى عن مطاردتهم أو تعقبهم عن بُعْد.
وإذا كان مصطفى بكري عضو مجلس النواب قد قال علنا على الهواء في الدقيقة الرابعة عشرة من فيديو برنامج هنا العاصمة بتاريخ 21أكتوبر بأنّ ”احنا في مجلس النواب مش جايين نحاسب حد احنا جايين نحاسب أنفسنا“ مضيفا ”احنا كبرلمان مطلوب نوفّر كل الإمكانات اللازمة احنا مش جايين نحاكم وزير الداخلية مش شغلانتنا دلوقتي و لا يجب أن تكون دلوقتي ، أنا شغلانتي انت عايز ايه فيه خطأ؟ حاسبوه أنتم أنتم أدرى بما يحدث“ - فمن يحاسب وزارة الداخلية؟
عدم محاسبة وزارة الداخلية عن الكذب في بيانها الرسمي عن حادث البدرشين يوليو2017
بعد ساعات من حادث البدرشين أصدرت وزارة الداخلية بيانا جاء فيه "حيث بادل أحد ضباط الشرطة الذى كان على مقربة من الحادث إطلاق النيران وهو ما أجبر الإرهابيين على الفرار"، وهذا كذب صريح ضد الحقيقة الواضحة في الفيديو أعلاه الذي أظهر مرور دقيقة و نصف على الأقل ما بين الظهور عديم الفائدة للضابط و ما بين فرار المجرمين الثلاثة، بل وهروبهم من نفس الجهة التي تواجد فيها ضابط الشرطة الهارب المقدم عمر رسلان رئيس مباحث سقارة.
بل إن رصاصة الضابط لم تصب لا الجناة الثلاثة و لا الموتوسيكل خصوصا أنه اختبأ مذعورا فور أن أطلقوا النار! بل إن الفيديو أعلاه أظهر هروبه إلى محطة البنزين بينما كان المجرمون يقتلون زملاءه و يسرقون سلاحهم و يحرقون جثثهم.
وكذلك من يحاسب وزارة الداخلية عن تزايد إصابات مجندي شمال سيناء -أكثر من المحافظات الأخرى- لأنفسهم بالسلاح عن طريق الخطأ؟ و دوافع ذلك عادة لا تكون إلا الهرب من المعارك عبر المكوث في المستشفيات و ربما الخروج طبيا و إما ضعف التدريب - والاحتمالان كارثيان خصوصا مع التكرار اللافت لهذه الإصابات في يونيو2015 ثم في 13يوليو2015 ثم في 25يوليو2015 ثم في أغسطس2015 ثم بعد 11شهرا في أغسطس2016 ثم في